أولادنا حياتنا
صفحة 1 من اصل 1
أولادنا حياتنا
هذه حكاية حارتنا، أو حكايات حارتنا وهو الأصدق. لم أشهد من واقعها إلا طوره الأخير الذي عاصرته، ولكني سجلتها جميعاً كما يرويها الرواة وما أكثرهم. جميع أبناء حارتنا يروون هذه الحكايات، يرويها كلٌ كما يسمعها في قهوة حية أو كما نقلت إليه خلال الأجيال، ولا سند لي فيما كتبت إلا هذه المصادر. وما أكثر المناسبات التي تدعو إلى ترديد الحكايات. كلما ضاق أحد بحاله، أو ناء بظلم أو سوء معاملة، أشار إلى البيت الكبير على رأس الحارة من ناصيتها المتصلة بالصحراء وقال في حسرة : "هذا بيت جدنا، جميعنا من صلبه، ونحن مستحقو أوقافه، فلماذا نجوع وكيف نضام؟!"، ثم يأخذ في قص القصص والاستشهاد بسير أدهم وجبل ورفاعة وقاسم من أولاد حارتنا الأمجاد. وجدنا هذا لغز من الألغاز. عَمّر فوق ما يطمع إنسان أو يتصور حتى ضرب المثل بطول عمره. واعتزل في بيته لكبره منذ عهد بعيد، فلم يره منذ اعتزاله أحد.
وقصة اعتزاله وكبره مما يحير العقول، ولعل الخيال أو الأغراض قد اشتركت في إنشائها. على أي حال كان يُدعى الجبلاوي وباسمه سُميت حارتنا. وهو صاحب أوقافها وكل قائم فوق أرضها والأحكار المحيطة بها في الخلاء. سمعت مرة رجلاً يتحدث عنه فيقول : "هو أصل حارتنا، وحارتنا أصل مصر أم الدنيا، عاش فيها وحده وهي خلاء خراب، ثم امتلكها بقوة ساعده ومنزلته عند الوالي، كان رجلا لا يجود الزمان بمثله، وفتوة تهاب الوحوش ذكره" وسمعت آخر يقول عنه : "كان فتوة حقاً، ولكنه لم يكن كالفتوات الآخرين، فلم يفرض على أحد أتاوة، ولم يستكبر في
وقصة اعتزاله وكبره مما يحير العقول، ولعل الخيال أو الأغراض قد اشتركت في إنشائها. على أي حال كان يُدعى الجبلاوي وباسمه سُميت حارتنا. وهو صاحب أوقافها وكل قائم فوق أرضها والأحكار المحيطة بها في الخلاء. سمعت مرة رجلاً يتحدث عنه فيقول : "هو أصل حارتنا، وحارتنا أصل مصر أم الدنيا، عاش فيها وحده وهي خلاء خراب، ثم امتلكها بقوة ساعده ومنزلته عند الوالي، كان رجلا لا يجود الزمان بمثله، وفتوة تهاب الوحوش ذكره" وسمعت آخر يقول عنه : "كان فتوة حقاً، ولكنه لم يكن كالفتوات الآخرين، فلم يفرض على أحد أتاوة، ولم يستكبر في
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى