سيرة الإمام عبد القاهر الجرجاني رحمه الله

إنه الإمام الحبر والبحر الزاخر مؤسس علم البلاغة وواضعها وطلسم علم الإعجاز ومنشؤها إمام النحويين والبلاغيين . أبو بكر عبد القاهر بن عبد الرحمن بن محمد الجرجاني مجهول المولد فارسي الأصل جرجاني الدار ولد في جرجان وعاش فيها دون أن ينتقل إلى غيرها والسبب يعزى إلى انه كان من أسرة فقيرة رقيقة الحال فلم يجد له مالا لطلب العلم كان صادق الحال منذ نشأته ونعومة أنامله عاش زاهدا معتزا بنفسه كثيرا كارها لأهل النفاق والتودد على أبواب السلاطين والأغنياء . أكرمه الله تعالى بإمامين جليلين يقيمان في جرجان لينهل منهم معارفه وهما أبو الحسين بن الحسن بن عبد الوارث الفارسي النحوي والشيخ الإمام الرباني الشريف الجرجاني أبو الحسن القاضي علي بن عبد العزيز قاضي جرجان وإمامها ومرشدها صاحب كتاب التعريفات الذي ليومنا هذا يعد مرجعا من مراجع التعريف وقد تأثر بالأخير تأثرا حتى بدا عليه علامات السلوك والآداب في حُلة الحال وصدق المقال وقد توفي رحمه الله في داره سنة أربعمائة وإحدى وسبعين من هجرة خير الأنام صلى الله عليه وسلم . منشغلا طيلة حياته بالتدريس والتأليف وخدمة العلم تاركا ورائه تركتا من المصنفات التي لا يمكن الاستغناء عنها ليومنا هذا . ففي النحو ( الإيضاح و الجمل والمغني والمقتصد والتكملة ) وفي الشعر منها ( المختار من دواوين المتنبي والبحتري وأبو تمام ) وفي البلاغة ( أسرار البلاغة وغيرها ) وفي الإعجاز من أهمها ( إعجاز القرآن و الرسالة الشافية ودلائل الإعجاز ) والأخير من اشهر كتبه الذي وضع فيه جميع ما عنده من البلاغات والإشارات في علمي البلاغة والإعجاز القرآني . ( معجم الأدباء 14/16 بتصرف)



وأما الكتاب الذي نحن بصدده فهو كتابه المسمى عوامل الجرجاني وهو من أوائل كتب النحو طلبا واهتماما يبحث في أدوات اللغة ومعانيها وقد اهتم به العلماء حتى إنهم وضع له شروحا وحواشي وتعليقات جمَّا ويعود السبب لذلك إلى سهولة عباراته وإيجاز إشاراته فقد استطاع الإمام الجليل رحمه الله أن يقدم مختصرا يربط بن الأدوات اللغوية وبين ما يولده من معاني الجمل الموصل لكشف أسرار القضايا اللغوية وقد اهتم العلماء في حفظه وتدريسه للطلاب في الحلقات الدراسية إلى يومنا هذا .