فوائد التربية البدنية

أكدت الأدلة العلمية مؤخراً على أهمية ممارسة الأنشطة البدنية لجميع مراحل العمر المختلفة، بما في ذلك مرحلة الطفولة والمراهقة. ويمكن تقسيم فوائد الانتظام على ممارسة النشاط البدني في هذه المرحلة إلى فوائد حالية وأخرى مستقبلية. فالفوائد الحالية تتمثل في أن الانتظام على ممارسة النشاط البدني يؤدي إلى تحسين الحالة النفسية وخفض أعراض التوتر والقلق، وتعزيز الثقة في النفس وخصوصاً لدى الأطفال الذي لديهم صعوبات في التعلم وممن لديهم انخفاض الثقة في النفس، وتطوير الحالة الاجتماعية والأخلاقية، وله دور في خفض شحوم الجسم، وهو مرتبط بانخفاض عوامل الخطورة المتعلقة بالأمراض القلبية، كما أن الأنشطة التي يتم فيها حمل الجسم وكذلك تدريب الأثقال تؤدي إلى تحسين صحة العظام.
أما الفوائد المستقبلية فتتمثل في الوقاية من حالات عديدة من الأمراض التي تظهر لدى البالغين بسبب قلة الحركة، وتتضمن هذه الحالات أمراض القلب والأوعية الدموية والسمنة ومشاكل العظام مثل وهن العظام والأعراض المزمنة لأسفل الظهر.
إن التمتع بحياة أكثر نشاطاً خلال مرحلة الطفولة والمراهقة سوف يؤدي (بإذن الله) إلى آثار إيجابية مستقبلية على مخاطر الإصابة بالأمراض القلبية وغيرها من أمراض نقص الحركة, كما أنه سوف يؤدي إلى تنمية السلوك الإيجابي نحو ممارسة الأنشطة البدنية مما يتيح فرصة أكبر للبقاء على مستوى معين من النشاط البدني يكون كفيلا بجني الفوائد الصحية المرجوة في مرحلة البلوغ. وإذا صح ذلك فإن المجتمع ككل سوف يتبنى حياة أكثر نشاطاً مما ينتج عنه الكثير من الفوائد الاقتصادية وخصوصاً فيما يتعلق بخفض تكلفة الإنفاق على العلاج وزيادة الإنتاجية وصحة البدن والبيئة الاجتماعية، فزيادة النشاط الحركي ينعكس إيجاباً على أداء المدرسة ومواقع العمل. من هذا المنطلق تبنت الكثير من الدول المتقدمة سياسات تشجيع على زيادة النشاط البدني اليومي لأفراد مجتمعاتها، وأصبحت المدرسة قناةً ومنفذاً مهماً لتحقيق هذا الهدف. وهنا يكمن دور التربية البدنية المدرسية كون حصة التربية البدنية هي الوقت الوحيد الذي يمارس فيه جميع الطلاب وبصورة إجبارية نوعاً من أنواع الأنشطة البدنية. وهذا يؤكد على أهمية حصة التربية البدنية كونها منفذاً أو قناة للمسؤولين للتدخل من خلالها وخصوصاً للأغراض الوقائية. في الحقيقة فإن دور حصة التربية البدنية يتعدى كونها مكاناً لممارسة النشاط البدني بصورة منتظمة مما يعود على الأطفال والمراهقين بالفوائد الصحية التي ذكرناها منذ قليل، فدورها يزيد على ذلك بكثير حيث أنها مكان لإعداد الأطفال للانتظام على ممارسة النشاط البدني طوال العمر حيث تصبح هذه الممارسة سلوكاً لهم في المستقبل وهذا يساعد على منع الخمول وقلة النشاط الحركي في الأجيال القادمة مما يزيد من المردود الإيجابي لهذه السلوكيات، وخصوصاً فيما يتعلق بالوقاية من الأمراض القلبية الوعائية والتي تعتبر القاتل رقم واحد في البلدان المتحضرة. وأود أن أؤكد هنا أن قلة النشاط والحركة خلال مراحل العمر هي العامل الرئيس للإصابة بأمراض العصر، وهذا ما تؤكده الهيئات العلمية المختصة. وإذا علمنا أن الآثار السلبية لقلة النشاط والحركة ربما لا تظهر إلا في مراحل متقدمة من العمر، ربما بدءًا من سن الأربعين، فإننا يجب أن ندرك أننا ربما نكون أمام كارثة صحية (لا قدر الله المكروه) إذا صح أن متوسط أعمار المجتمع السعودي هو تحت العشرين سنه. في الحقيقة فإن الكثير من الدول المتقدمة قد أدركت هذا الموضوع وأعطته جل اهتمامها انطلاقاً من مبدأ الوقاية خير من العلاج, وخصوصاً إذا كانت تكلفة العلاج تعادل أضعافاً مقارنة بتكلفة الوقاية. فعلى سبيل المثال نجد أن دولة مثل كندا قد وفرت خمسة مليارات من الدولارات في الفترة ما بين 1981م-1995م من خلال زيادة تعادل 16% في عدد الأفراد الذين يمارسون نشاطاً حركياً كافياً لتحقيق انخفاض في مخاطر الإصابة بالأمراض القلبية وهذا المثال ورد مع عدة أمثلة في تقرير لمنظمة الصحة العالمية، حيث أشار هذا التقرير أيضاً إلى أن زيادة بمعدل 1% في عدد الممارسين للنشاط البدني من الكنديين سوف تؤدي إلى خفض الإنفاق الصحي على أمراض مثل الأمراض القلبية ومرض السكري وسرطان القولون بشكل ملحوظ.
هنا تأتي أهمية برامج التربية البدنية التي تعتمد على النوعية (quality) ، بحيث تعرض الطفل إلى نشاط بدني ورياضي فردي متوازن. في الواقع فإن تحسين الصورة الذاتية والتخلص من الملل الذي تؤدي إليه هذه الأنواع من الأنشطة البدنية سوف يؤدي إلى تحسين الأداء في الصف الدراسي. كما أن هناك إشارة من بعض الدراسات إلى أن النشاط البدني سوف يساعد على التخلص من عدد من العوامل التي يمكن أن تؤدي إلى الأمراض القلبية، على الرغم من عدم وضوح هذا الدور في مرحلة الطفولة المبكرة. في الحقيقة فإن الدافع الرئيسي من وراء تشجيع الأطفال لممارسة الأنشطة البدنية بانتظام هو بغرض تأسيس العادات الصحية الجيدة وتجنب الكثير من العادات الخطرة مثل التدخين واستعمال المخدرات. lol!